المقاومة السورية والتحولات الجديدة

المقاومة السورية والتحولات الجديدة


تتبدى ملامح المرحلة الجديدة التي تواجه المقاومة السورية وتظهر ثمار الصمود التاريخي لهذه الدولة المشرقية المقاومة الذي استند إلى تضحيات الشعب والجيش بقيادة الرئيس بشار الأسد وبفضل أسلوبه في إدارة الصراع دفاعا عن بلاده واستقلالها ووحدة ترابها الوطني .
اولا شكل ردع العدوان على سوريا منطلقا لتشكل توازن عالمي وإقليمي جديد عبر إنهاء العربدة العسكرية العدوانية التي مثلت طيلة ثلاثين عاما أبرز مظاهر الهيمنة الأحادية الأميركية التي دخلت بفضل صمود سوريا المستند إلى تراكم التحولات العالمية والإقليمية منذ انتصار حلف المقاومة عام 2006 إلى مرحلة التداعي والتفكك لصالح وضع دولي قيد التشكل على اساس تعدد الأقطاب وبانتقال الصراع العالمي على الموارد والأسواق إلى نمط جديد من الحرب الباردة ، بينما اضطرت الولايات المتحدة وحلفاؤها في الغرب الاستعماري إلى مباشرة التسليم بالقوة الإيرانية الصاعدة ودورها في المنطقة وهي شريكة سوريا الاستراتيجية في حلف المقاومة والاستقلال وكذلك أرغم الحلف الاستعماري على مباشرة الإقرار بحقيقة الصراع الذي تخوضه سوريا ضد شبكة القاعدة التي دعمها الغرب وشركاه كأداة في الحرب على سوريا وبعدما بلغت تلك الحرب العدوانية حالة متمادية من الفشل والعجز عن تحقيق أهدافها رغم ضراوتها ورغم الحجم الهائل لما حشد لها من قدرات وجهود عسكريا وماليا واستخباراتيا وإعلاميا.
ثانيا المعاينة الواقعية لمسار الأحداث تفترض التخلي عن التبسيط السياسي الذي يصور ما حصل انتصارا نهائيا على المؤامرة الاستعمارية فمشوار المقاومة السورية دفاعا عن الوطن ولاستعادة سيطرة الدولة على جميع المناطق ما يزال طويلا ويحتاج إلى الكثير من الجهود والتضحيات وإلى مزيد من الزمن الضروري في سبيل تحقيق انتصار سوري ناجز وحاسم على عصابات الإرهاب والفوضى واللصوصية التي اجتاحت العديد من المناطق السورية وما تزال تحظى بدعم مستمر من حلف العدوان الذي يتحايل على الالتزامات الموجبة بوقف دعم الإرهاب بل من الملاحظ ان السعودية وتركيا خصوصا المتورطتان بمقامرة وجودية في الحرب على سوريا تحافظان على وتيرة تدفق الأسلحة والأموال لصالح العصابات الإرهابية بمختلف تشكيلاتها وخصوصا فصائل القاعدة والأخوان المسلمين التي دخلت مؤخرا في اشتباك مع ما يسمى بالجيش الحر والائتلاف الدمية الذي جعلت منه الخطة الاستعمارية واجهة للعدوان.
ثالثا إن التحدي الأبرز الذي يواجه المقاومة السورية هو استثمار التحولات في البيئة الدولة والإقليمية في تأمين مقومات الانتقال إلى حملة وطنية لتحرير البلاد من عصابات الفوضى والإرهاب وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية في الدفاع عن الوطن إلى جانب الجيش والقوات المسلحة النظامية والشعبية .
المضمون السياسي الذي يلبي هذه الحاجة هو بلورة ملامح مشروع إعادة البناء الوطني في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بصورة تلامس وتحتوي مصالح الشعب السوري وتطلعاته بجميع مكوناته وفئاته وبما يولد لدى المواطن العادي الحماس والتصميم الضرورين للانخراط اكثر من اي وقت مضى في معركة الدفاع عن الوطن بعدما جرت بنجاح تعرية قوى العدوان وتم فضح حقيقة ما تتعرض له سوريا من خطط تقسيم وتمزيق وتدمير في إطار الخطة الاستعمارية الصهيونية لما سمي بالشرق الأوسط الجديد وتمثل وحدة سوريا ودولتها العلمانية الوطنية المقاومة عصب ذلك المشروع الذي تحدث عنه الرئيس الأسد غير مرة وكذلك لمضمونه الاجتماعي الشعبي أهمية قصوى لا تقل عن أهمية البعد السياسي التقدمي والتعددي الذي تتركز عليه الأنظار تحت ضغط الحاجة لتوسيع نطاق المشاركة في الحياة الوطنية ولتحديث المؤسسات العامة في سوريا.
رابعا إن فكرة التضحية من اجل الاستقلال والكرامة الوطنية هي عصب المقاومة الشعبية ويشكل العمل لرسم اطر وقواعد سد الثغرات البنيوية التي نفذت منها الخطة الاستعمارية واستثمرت في بيئتها الاجتماعية حلقة مركزية في مشروع إعادة البناء الوطني .
الدولة المقاومة المستقلة التي تستحق التضحيات الجلى للشعب السوري وللجيش السوري هي الدولة المنيعة القوية التي تؤسس شراكتها مع الدول الصديقة ضمن منظومة المقاومة والاستقلال إقليميا وفي إطار مجموعة الدول المناهضة للهيمنة عالميا بعدما تكشف خلال العدوان الاستعماري من حصاد الأذى الكبير الذي أضمرته جهات كثيرة دولية وعربية في مراحل سابقة اشتغلت خلالها تحت ستار التعاون والشراكة الاقتصادية والسياسية مع سوريا لاختراق البنى الاجتماعية والمؤسساتية الوطنية ولتخريب الاقتصاد وضرب المناعات ولتجنيد العملاء ولتنظيم شبكات خفية تحولت إلى هيكل لعصابات الإرهاب والتكفير تحت يافطات العمل الديني والاجتماعي التي انقلبت رايات لجماعات اخوانية وقاعدية مسلحة بإشارة من الخارج الضالع في المؤامرة على سوريا .