الهدار الكرار مشرف
عدد المساهمات : 950 تاريخ التسجيل : 25/01/2012
| موضوع: الروس عائدون بكامل عدّتهم وعتادهم الجمعة أبريل 26, 2013 3:37 pm | |
| الروس عائدون بكامل عدّتهم وعتادهم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تعترف المراجع الدبلوماسية بأنّ زيارة الموفد الرئاسي الروسي ميخائيل بوغدانوف إلى لبنان ستكون الأهمّ في جولته على المنطقة، وهو الذي خصّص لها ثلاثة أيّام، بينما أمضى وسيمضي ساعات قليلة في الدول الأخرى. فما الذي أعطى هذه الانطباعات؟ وهل الزيارة مقدّمة لعودة روسيّة قوية إلى المنطقة؟ من مطار بيروت الدولي الى فندق "فينيسيا"، فبيت الكتائب المركزي في الصيفي، وصولاً إلى كليمنصو، لم تتبدّل المشاهد كثيراً على بوغدانوف. فهو أمضى بداية حياته الديبلوماسية في بيروت مساعداً للسفير الروسي الذي لن ينساه اللبنانيون بسهولة ألكسندر سولداتوف، الذي واكب الأزمة اللبنانية في بداية سبعينيات القرن الماضي. لم يكن صعباً على الموفد الروسي أن يستذكر بدايات حياته الديبلوماسية في لبنان فور صعوده درج بيت الكتائب المركزي، وقبل دخول البهو الداخلي التاريخي دلّ بإصبعه على كلّ صورة من الصور المعلقة. واستذكر في بداية اللقاء الذي جمعه والرئيس أمين الجميّل ووفد القيادة الكتائبية زياراته السابقة الى هذا البيت ولقاءاته مع المسؤولين الكتائبيين... حتى الكراسي هي نفسها والطاولات. كان الموفد الروسي واضحاً في طروحاته. فعندما تقرّرت الجولة على دول المنطقة كان القرار بأن تكون المحطة الأوسع في بيروت، لأنها مختبر أزمات المنطقة وتتّسع شوارعها وبيوتاتها السياسية الضيّقة، لتكون مسرحاً صغيراً لما يجري في المنطقة. وقد زادت من أهمّية الزيارة الأزمة السورية، فظهر أنّ اللبنانيين يختصرون المشهدين الإقليمي والدولي بين مؤيّد للنظام وآخر للثورة، ولن تجد الديبلوماسية الدولية منابر إعلامية أهمّ من منابر لبنان لتطلّ منها الى العالم. بعد المقدمة التاريخية، دخل المجتمعون في صلب المواضيع المطروحة للبحث من الأزمة السورية الى تداعياتها اللبنانية، فقدّم الجميّل رؤيته للأزمة، من دعوته الى حياد لبنان وما ترجم لاحقا بـ"إعلان بعبدا" وصولاً إلى الحاجة لحماية لبنان وحدوده من النزاعات التي إخترقتها، وانتهى مشدّداً على ضرورة توفير التفاهم الدولي وخصوصاً على المستوى الروسي - الأميركي لتجنيب سوريا والمنطقة المزيد من المآسي، وصولاً إلى حجم أزمة النازحين التي تهدّد تركيبة لبنان ومقوّمات العيش الاقتصادية والاجتماعية والتوازنات الجيوسياسية والطائفية الهشّة فيه. وجدّد الدعوة الى مؤتمر دولي يعقد في لبنان لمواجهة نتائج هذه الأزمة وتردّداتها الخطيرة. لم يكن الطرح الكتائبي مفاجئاً للموفد الروسي، فضَمَّن ردّه على مطالعة الجميّل تقديراً عالياً لتصوّرات حزب الكتائب ومقترحاته، وتوقّف في قراءة متأنّية لنصّ المحاضرة التي ألقاها الجميّل في إحدى مراكز الدراسات الأميركية الإستراتيجية حول الوضع في سوريا وخريطة الطريق التي إقترحها وتقول بتفاهم روسي - اميركي لا بدّ منه، لرسم المخارج المقبولة للأزمة السورية ومعالجة تداعياتها الخطيرة على دول الجوار السوري، ولبنان واحد منها. ومن هذه النقطة، عبّر الموفد الروسي عن تقدير بلاده العميق لمضمون "اعلان بعبدا"، داعياً اللبنانيين من مختلف الفئات الى التزامه نصّاً وروحاً، والعمل بهديِه لحماية لبنان ممّا يجري في المنطقة. وعبّر عن تقديره أيضاً لدور وموقف رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ممّا يجري في لبنان والمنطقة، مشجّعاً على تطبيق سياسة النأي بالنفس. فلم يوفّر بانتقاداته المبطّنة والمباشرة الخارجين عنها في الداخل وعلى الحدود، وما يمكن أن ترتّبه على لبنان وشعبه، مؤكّداً أنّ القرار الروسي واضح برفض ما يمسّ أمن لبنان وسيادته واستقراره، أيّاً تكن تداعيات الوضع في سوريا والمنطقة. وبعدما أبدى قلقه من حجم النزوح السوري، أكّد استعداد بلاده المساهمة في دعم الدول التي تواجه باستضافتهم أعباءً كبيرة تفوق قدراتها، معتبراً أنّ ما قدّمته بلاده من مساعدات عبر لبنان تلبيةً لطلب الرئيس سليمان غير كافية، لكنّها ما زالت في بداية الطريق ولا بدّ من تقديم المزيد، مؤيّداً دعوة لبنان الى مؤتمر دوليّ يوزّع الأعباء والمسؤوليّات تجاه هذه الأزمة الإنسانية الكبرى. ومن هذه المعطيات الإقليمية، انتقل الموفد الروسي الى تأكيد بلاده أهمّية الوجود المسيحي في الشرق ولبنان وسوريا والعراق وغيرها من دول المنطقة، لافتاً إلى أنّ بلاده بذلت ما بوسعها في الساعات الماضية من جهد لحلّ أزمة خطف المطرانين في حلب. وكشف عن اتصالات تلقّاها الرئيس الروسي من الرئيس الأميركي باراك اوباما والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وقادة دوليّين مرجّحاً أن تنتهي هذه الأزمة في القريب العاجل. وبعدما عبّر عن إصرار بلاده على الحلول السلمية في سوريا والمنطقة، قال إنّها لا ترى أنّ العنف سيؤدّي الى أيّ مخرج للأزمة القائمة في سوريا، معتبراً أنّها المرّة الأولى التي يسجَّل فيها تقارب اميركي - روسي في مقاربتهما للوضع، وهو ما انتهى إليه اللقاء الذي جمع وزير خارجية بلاده سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري في بروكسل قبل أيّام. وما كان لافتاً أنّ بوغدانوف لم يقارب الملفّات اللبنانية الداخلية من حكومية أو نيابية بتاتاً، ولم يأتِ على ذكر أيّ منها، لكنّه كان واضحاً أنّ بلاده قرّرت العودة الى لبنان والمنطقة من بوّابة الأزمة السورية بكلّ عديدها وعتادها، بعدما سبقتها البوارج إلى مرفأ بيروت. | |
|