[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الحملة
المنظمة على حزب الله في الايام القليلة الماضية من بوابة تدخله في الازمة
السورية، ليست عبثية وهي تدار من قبل فريق عمل سياسي داخلي وخارجي يحاول
استغلال محطات مفصلية في الازمة السورية على أمل الاستفادة منها لتهشيم
صورة الحزب ومحاصرته عبر وضعه في خانة واحدة مع التنظيمات الارهابية التي
تقاتل في سوريا، وفي هذا السياق يتلقف السياسيون ووسائل الاعلام المتخصصة
بتشويه صورة الحزب تصعيد المجموعات المسلحة اعلاميا وميدانيا على الجبهة
اللبنانية من خلال الاعلان عن نقل «معركة الدم» الى لبنان، لرفع الصوت
عاليا والتحذير من المخاطر التي يستجلبها الحزب على لبنان، اما المواكبة
الخارجية لهذه الحملة فتبلغ ذروتها اليوم بوضع ملف تدخل الحزب في النزاع
القائم في سوريا، على طاولة وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي في بروكسل، فيما
اعيد نبش ملفات قديمة جديدة للحزب على وقع الهجمات الارهابية في بوسطن.
اوساط
سياسية متابعة لهذا الملف تشير الى ان هذا «العبث» الاعلامي والسياسي لم
يعد يعني حزب الله بشيء خصوصا ان الاحداث والتطورات في المنطقة وخصوصا في
سوريا قد تجاوزت بالوقائع الموجودة على الارض كل «الترهات»التي تتحدث عن
ثورة يقوم بها الشعب السوري ضد النظام، وباتت «اللعبة» مكشوفة امام الجميع
ولم يعد خافيا على احد طبيعة الصراع الدولي والاقليمي الذي يخاض بالوكالة
على الساحة السورية، ولذلك فان من يخوض غمار هذه الحملة على حزب الله من
خلال البحث الدؤوب عن دلائل تشير الى «تورطه» بالازمة السورية يضيّع وقته،
لان السؤال المطروح اليوم ليس عما اذا كان حزب الله «متورط» بالازمة
السورية، فهذا الامر بديهي، ولو كانت النوايا صافية لكان السؤال المركزي هو
لماذا اجبر الحزب على القتال في بعض المناطق السورية؟.
الاجابة
على هذا السؤال تقتضي التذكير على حدّ قول الأوساط بان حزب الله لا يخفي
ولا يخجل ولا يمل من التذكير بتحالفه الاستراتيجي مع الدولة السورية، وهو
يعتبر ان النظام يخوض هناك معركة «حياة او موت» بالنيابة عن محور المقاومة
الذي لن يبخل بأي جهد لمساعدة النظام على الصمود والانتصار بالحرب التي
باتت علنية ودون مواربة من احد،هذا الموقف الاستراتيجي الذي لم يتغير منذ
اليوم الاول للازمة، لم يترافق مع اي محاولة للتدخل، وعلى العكس من ذلك لعب
الحزب دورا بناء في محاولة التأثير على القيادة السورية لفتح ابواب الحوار
مع بعض القوى المعارضة، وأضطر الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الى
زيارة دمشق اكثر من مرة التقى خلالها الرئيس بشار الاسد، وقد لاقت تلك
النصائح قبولا لدى القيادة السورية التي كانت مقتنعة بتلك الاجراءات، وهو
ماجرى ترجمته الى افعال اصلاحية في وقت لاحق، ولكن مجريات الاحداث قطعت
الشك باليقين ووصلت قيادة الحزب الى قناعة مفادها ان القرار باسقاط النظام
السوري قد اخذ من قبل قوى اقليمية ودولية لن تتراجع عن قراراها بغض النظر
عن اي اصلاحات يقوم بها الرئيس السوري.
وتلفت
تلك الاوساط الى ان من يلوم الحزب على موقفه، ينسى، او يتقصد التعمية على
مسؤولية «المعارضة السورية» التي كانت سباقة في اشهار العداء لحزب الله،
ولا تلتفت الى مسؤوليتها عن اثارة المخاوف لديه، فهي بشقيها العلماني
والاسلامي تنافست وتسابقت على ارضاء الرعاة الخارجيين، فكان التصريح الشهير
لرئيس الائتلاف الوطني المعارض برهان غليون الذي قال صراحة ان العلاقة مع
حزب الله وايران لن تعود الى سابق عهدها عندما تنتصر المعارضة، اما
«الثورة» التي يقودها الاسلاميون فتبنت شعارها الشهير «المسيحي الى بيروت
والعلوي الى التابوت»، وهنا كانت الاشارات العملية الاولى الدالة على طبيعة
المعركة الدائرة على الارض والتي تخللها سلسلة مجازر ذات طابع مذهبي،
وتوجت اخيرا بأعتراف «جبهة النصرة» «بأبوة» تنظيم القاعدة.
هذا
المعطى الجديد كانت له ترجمة عملية على الارض، تقول الاوساط اذ بات على
الحدود المتاخمة للقرى اللبنانية مجموعات «تكفيرية» يفتي «امراؤها» بقتل
الشيعة لأسباب عقائدية جاهلية وهي تكفر المذهب الجعفري وتستبيح اعراضه
وامواله، وبات من يسيطر على الارض الكتائب الإسلامية الجهادية، وابرزها
جبهة النصرة، وأحرار الشام، ومجلس شورى المجاهدين، وأنصار الشريعة، وكتائب
البتار، ولواء الفجر،وكل هذه المجموعات تعتمد على العناصر الأجنبية في
هيكلها سواء مقاتلين أو شرعيين ورجال دين أو خبراء وتقنيين ومنظرين
سياسيين. فما هو الموقف المطلوب من حزب الله؟ وكيف يريد المزايدون على
مواقفه ان يتعامل مع تحول سورية الى أكبر منطقة استقطاب للسلفيين الجهاديين
بعد أفغانستان،في ظل تدفق آلاف المقاتلين العرب والمتطوعين الأوروبيين
والقوقازيين.
وكيف
يمكن التسويق بعد لنظرية وقوف حزب الله في مواجهة طموحات الشعب السوري في
الحرية؟ اذا كانت القيادات السلفية قد اقرت علنا بأن الشريان المغذي
«للنصرة» بعد السوريين، هم الأردنيون يليهم الخليجيون، ثم العراقيون
والمغاربة، وعددهم يقارب 3000مقاتل، اغلبهم قاتلوا في مناطق مثل العراق
وأفغانستان والشيشان وليبيا. اما القسم المغمور منهم، فيعتمد عليهم في
العمليات الاستشهادية وغالبيتهم من المغرب العربي والسعودية والكويت
والأردن وليبيا وتونس التي تدفق منها الكثير من أنصار التيار السلفي
الجهادي، أما القسم الأجنبي فهو ليس قليلاً داخل تلك التيارات وخصوصاً جبهة
النصرة. وللمقاتلين من مناطق القوقاز فلهم النصيب الأكبر من الحظوة ولهم
سمعة قوية في العمل العسكري، حيث يبرع هؤلاء المقاتلون في حرب الشوارع
والقنص. وكذلك يوجد مقاتلون من أوكرانيا ومن البوسنة ومقاتلون وأطباء من
فرنسا وبريطانيا وهولندا من أصول مغاربية.
وتسأل
تلك الاوساط عما اذا كانت هذه الوقائع الموثقة تحتاج الى بذل الجهد
للاجابة عن الاسباب الكامنة وراء مشاركة حزب الله في الحرب الدائرة في
سوريا؟ وتلفت الى ازدواجية معايير جديدة يعتمدها اصحاب الحملة المنظمة على
الحزب، حين يبررون لدول جوار سوريا قلقها من قيام «امارة» اسلامية متطرفة
في سوريا، ويروجون للمخاوف الاميركية من الارهاب، بينما يتم التصويب
والتركيز على تشويه صورة الحزب والتقليل من المخاطر الجدية التي يتحدث
عنها، ويقوم اليوم بعملية استباقية لمنع قيامها على الحدود المتاخمة
للبنان.
هذه
الحرب الاستباقية هي «بيت القصيد» في تدخل الحزب عسكريا في بعض المناطق
السورية، فدعم ابناء القرى السورية التي يسكنها لبنانيون اولوية، ومنع قيام
«امارة» متطرفة تكون قاعدة انطلاق ضد الاراضي اللبنانية ايضا اولوية،
وحماية الاماكن الشيعية المقدسة من الاولويات، لسببين الاول عقائدي،
والثاني مرتبط بتداعيات وخيمة جراء اي اعتداء قد يطاول تلك المقامات،كما
حصل قبل ذلك في سمراء العراقية عندما استهدف مقام الامام العسكري.
وتلفت
تلك الاوساط الى ان الحملة ضد الحزب تحمل الكثير من المبالغات، اولا يجري
تكبير حجم خسائره في سوريا، وهذا الامر مبالغ فيه ولا يمت الى الواقع بصلة،
وجميع الشهداء شيعوا واسماؤهم معروفة، اما المبالغة الثانية فترتبط بحجم
دوره الميداني، وهنا تكفي الاشارة الى مساحة سوريا الجغرافية وعدد سكانها
للتأكد من محدودية دور الحزب هناك والتي تنحصر بالدفاع عن اماكن دينية
محددة، والدفاع عن المناطق اللبنانية من خلال منع نشؤ «امارة اسلامية» في
المناطق الحدودية، اما العمليات العسكرية الكبرى فلا قدرة على تنظيم مهما
بلغ حجمه ان يقوم بها، وهذا دور يقوم بها الجيش السوري البالغ تعداده نحو
450 الف جندي وضابط ورتيب، ما زالوا يمسكون بالارض ولا يحتاجون الى مساعدة
ميدانية من احد وهم يتلقون مساعدات وتدريبات لوجستية من ايران وروسيا
اللتين تتواجهان مع معسكر غربي وعربي واسع على الساحة السورية.