الهدار الكرار مشرف
عدد المساهمات : 950 تاريخ التسجيل : 25/01/2012
| موضوع: بوتين وأوباما.. ثلاث قضايا خلافية الثلاثاء أبريل 23, 2013 11:44 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]لا يخفى أن العلاقات الروسية الأميركية تمر حالياً بمرحلة صعبة بسبب ثلاث قضايا خلافية أساسية، هي الأزمة السورية وملف حقوق الإنسان في روسيا ومسألة الدرع الصاروخية الأميركية الأطلسية. والرئيس الأميركي، باراك أوباما، يستشعر هذا الأمر، فبعث برسالة خاصة إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين حملها مستشار الأمن القومي الأميركي، توم دونيلون، في الخامس عشر من الشهر الجاري. وبالرغم أن الجانبين الروسي والأميركي لم يفصحا عن مضمون تلك الرسالة، إلا أن تلميحات المسؤولين الروس تشير إلى أنها تضمنت القضايا الخلافية المشار إليها، بجانب الأزمة في شبه الجزيرة الكورية والتعاون الاقتصادي بين البلدين. بالنسبة إلى الأزمة السورية، نعتقد أن مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي لم يفلح في تغيير الموقف الروسي. وتجلى هذا في تصريحات سيرغي لافروف، وزير الخارجية الروسي في اسطنبول بعد يومين فقط من زيارة دونيلون لموسكو. فقد جدد لافروف موقف بلاده الرافض للتدخل العسكري في سوريا.
واللافت أن موسكو لا تكتفي في الأزمة السورية بالتصريحات أو استخدام حق النقض في مجلس الأمن الدولي، وإنما تُحرك أساطيلها إلى منطقة الأزمة. فقد قرر الكرملين مرابطة بعض سفن البحرية العسكرية الروسية بشكل دائم في البحر المتوسط، وشكل قيادة عسكرية خاصة لهذا الغرض. وهذه الحركة الإستراتيجية للبحرية الروسية تحمل بعض الرسائل السياسية، التي تتمثل، حسب بعض المراقبين الروس، في ردع نوايا التدخل العسكري الخارجي في سوريا، واستعراض العضلات، وممارسة دور «العظمة» الدولية بعد تراجع تسعينيات القرن الماضي.
أي أن هذا القرار لا يتعلق فقط بإجلاء الرعايا الروس من سوريا، كما يعتقد البعض. يجب تفسير الحركة الإستراتيجية للبحرية الروسية في سياق الرغبة الروسية في مواجهة الأساطيل الأميركية. فمثل هذا الخيار، غير مطروح أصلا على الأجندة الروسية. وذلك لأسباب معروفة، منها عدم التكافؤ والاختلاف الجذري في مهام البحرية العسكرية بين البلدين. فالولايات المتحدة دولة «قارية» مضطرة للإنفاق على نحو 11 حاملة طائرات تمثل حضورها، في ما يعرف بـما وراء البحار، بينما روسيا هي في قلب العالم (من وجهة النظر الجيوسياسية) وليست مضطرة إلى مثل هذا الخيار المكلف. ولكن الواضح أن روسيا شرعت مؤخراً بتبني «عقيدة» للانتشار البحري الواسع بشكل يقتضي خروجها إلى آفاق بحرية أوسع. ويبدو، هنا، أن حلم «بطرس الأكبر» بالوصول إلى المياه الدافئة عاد ليراود «قيصر روسيا الحالي» من جديد. ويمكن قراءة هذا التحرك الروسي البحري العسكري أيضا في إطار التحول المستقبلي في الدور الروسي على الساحة الدولية. فالوجود الروسي الدائم في البحر المتوسط، مثله في ذلك مثل السياسة الروسية الخارجية الحالية، يمكن له أن يعمل على عرقلة مصالح الآخرين، الذين لا يأخذون مصالح روسيا في الاعتبار.
وفي ما يتعلق بقضية الدرع الصاروخية، لم تحقق رسالة أوباما إلى بوتين، على ما يبدو، اختراقاً كبيراً. فموسكو لا تزال تطالب بضمانات أميركية خطية بأن هذه المنظومة الصاروخية ليست موجهة ضد الأمن القومي الروسي، وتنفي أن تكون قد توصلت إلى اتفاق مشترك مع الولايات المتحدة الأميركية على التعاون في مجال الدفاعات الصاروخية .ومن المعروف أن روسيا اقترحت على الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي التعاون بصورة مشتركة في إنشاء شبكة صاروخية دفاعية تعمل على حماية أوروبا من هجوم افتراضي بالصواريخ. ولكن الحلف رفض هذا الاقتراح، كما رفضت واشنطن منح الضمانات، التي تطلبها موسكو.
لقد جاءت زيارة دونيلون الخاطفة إلى موسكو، ولقاؤه الرئيس الروسي وغيره من المسؤولين الروس، في أجواء روسية مشحونة للغاية تجاه واشنطن بسبب القضية الخلافية الثالثة المتعلقة بحقوق الإنسان في روسيا، وما ترتب عليها من «حرب القوائم السوداء» بينهما. ففي الأسبوع الماضي أعلنت وزارة المالية الأميركية ما يسمى بـ«لائحة ماغنيتسكي» المكونة من 18 شخصية حكومية روسية، ستُمنع من دخول الولايات المتحدة الأميركية، وستُجمد أموالها في البنوك الأميركية لتورطها في وفاة الخبير القانوني الروسي سيرغي ماغنيتسكي في أحد السجون الروسية العام 2009. ولم تتأخر موسكو طويلا في ردها على هذه اللائحة، فبعد يوم واحد من إعلان وزارة المالية الأميركية، أعلنت روسيا قائمة بـ 18 مواطناً أميركياً يُمنع دخولهم الأراضي الروسية بسبب ممارستهم التعذيب في حق معتقلي غوانتانامو، وبسبب مخالفتهم لحقوق وحريات المواطنين الروس (من بينهم الأطفال الروس، الذين تتبناهم بعض العائلات الأميركية) في الخارج. وكان الكونغرس الأميركي قد أقر ما يسمى بقانون «ماغنيتسكي» لمعاقبة الشخصيات الحكومية الروسية نهاية العام الماضي. ورداً على ذلك، قام البرلمان الروسي بإصدار قانون «ديما ياكوفليف» (وهو طفل روسي لقي مصرعه على يد عائلة أميركية تبنته منذ عدة سنوات) لمعاقبة بعض الشخصيات الأميركية.
ويمكن القول إن مباحثات مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي في موسكو قد أخفقت في تقريب وجهات النظر بين البلدين في القضايا الخلافية، خاصة أن دونيلون حمل معه إلى موسكو قائمة بأسماء الشخصيات الروسية، التي ستُعاقب وفق قانون «ماغنيتسكي» الأميركي. وذلك بالرغم من طلبات روسية متكررة للرئيس الأميركي بضرورة وقف فعل هذا القانون لأنه سيزيد من توتر العلاقات بين البلدين. لقد كانت روسيا تعول كثيرا على باراك أوباما في تحسين العلاقات معها، بعد التوتر الذي شهدته تلك العلاقات في أثناء رئاسة جورج بوش الإبن. ولكن الكرملين يعتقد اليوم أن أوباما عاجز عن التصدي لتيار سياسي معين داخل الكونغرس الأميركي يرغب دائما في توتير العلاقات مع روسيا. في الوقت نفسه لا ينبغي تجاهل أن عودة فلاديمير بوتين إلى الكرملين من جديد لم تكن على هوى واشنطن، التي كانت تأمل في إعادة ترشح دميتري ميدفيديف للرئاسة في روسيا لولاية ثانية. فواشنطن لديها اعتقاد بأن ميدفيديف يتمتع بميول «ليبرالية»، ويمكن التفاهم معه بسهولة أكبر مقارنة ببوتين. ولكن عودة «الرجل القوي» إلى الكرملين بددت آمال البيت الأبيض والكونغرس في الولايات المتحدة. | |
|