الهدار الكرار مشرف
عدد المساهمات : 950 تاريخ التسجيل : 25/01/2012
| موضوع: الطريق إلى (إسرائيل الكبرى) يمر عبر دمشق الإثنين أبريل 15, 2013 6:20 pm | |
| الطريق إلى (إسرائيل الكبرى) يمر عبر دمشق [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يتعرض الوعي العربي في هذا المنعطف التاريخي إلى إعادة تصنيع قاسية، وقد وصل إلى مراحل التغليف والتعليب في قوالب شديدة الجمود غير قابلة للتحوير والتدوير، وقد كسر كل الأرقام القياسية في الإستعصاء على التغيير، ورغم كل المحاولات التي جرت لإحداث إختراقات في هذه القوالب باءت بفشلٍ يكاد يكون عاماً طاماً، وبما أن كل نفسٍ بما كسبت رهينة، فقد أصبحنا رهائن لمكعبات إسمنتية تُطبق على عقولنا فتضيق بها الصدور، فنتنفس غرائزاً وجهلاً وننفث فتنةً، وهذا ليس جديداً فهي منذ ثمانينات القرن الماضي على أقل تقدير، وهي عبر مخطط أمريكي وبتمويل عربي "خليجي" وفتاوى مدفوعة الأجر سلفاً، فاختلط الحابل بالنابل وطفى الغثُ وغار السمين، وأصبحنا نحتاج لجهدٍ جهيد لنقتنع بالمُسلمات ولتستوعب عقولنا البديهيات .
ففي الثمانينات من القرن الماضي تزاوج حدثين تزامناً، وأكاد أجزم أن كل النكبات التي تمر بها أمتنا هي مواليد طبيعية لذلك الزواج الحرام، واقترن كلاهما بالمصطلحات المبهرة والكبيرة، والتي تحولت إلى كبائر وموبقات، وكلاهما تم تجميله بلباس ديني فضفاض لا يصِف ولا يشِف، فلا ترى ما تحته من سوءات وعورات، فأقدم السادات على توقيع صك الإستسلام في كامب ديفيد تحت عباءة"إن جنحوا للسلم فاجنح" وبحجة السلام والتفرغ للتنمية، وحتى يصبح الأمر مشروعاً وشرعياً، فقد أخضع الإتفاقية لإستفتاء شعبي مقرونة بميثاق حقوق الإنسان المصري، وكأن الإتفاقية هي أحد أهم تلك الحقوق، وقال نظام السادات يومها أن الإستفتاء جاء بالنتائج المرجوة التي تكاد تكون شبه إجماع، وأظنني لا أكون خشناً إن لعنت تلك الحقوق وكل ألبستها الفضفاضة أياً كانت عفتها، وكان من أهم نتائج ذلك الصك المهين، أن خسرت مصر دورها وريادتها، وخسرت أزهرها واعتدالها، وربحت الفقر والجهل والتبعية، ولم يكن كل ذلك ليَّتم لولا إقترانه بالغايات النبيلة والمفاهيم السامية .
وفي نفس الفترة قام الإتحاد السوفييتي بغزو أفغانستان كأحد أوجه الحرب الباردة، فأوعزت أمريكا لعمالها في منطقة الخليج، فنفضوا الغبار عن ذروة سنام الإسلام"الجهاد" رغم أنه في تلك الفترة كان قد مر على إحتلال فلسطين ما يتجاوز الثلاثين عاماً بسنوات ولم يهتز لجهادهم خشبة، فأعلنوا الجهاد في خندق واحد مع الأمريكيين ومن لف لفيفهم من أهل الكتاب ضد الإتحاد السوفييتي الملحد، ففتحوا خزائن البشر والمال والفتاوى، وأذكر حينما كان يصطحبني والدي لصلاة الجمعة كطفلٍ متدرب، يتهيأ عقله لأحد تلك القوالب الجامدة، فأجلس منصتاً، تأخذني مهابة المنبر ومن يعتليه وهو يزمجر بشعار لا يُنسى، "الطريق إلى القدس تمر عبر كابُل" وكان يتخلى عن واو كابول مستعيضاً بضمة الباء إمعاناً بالتأكيد والتفخيم والقطع، فتشرأب رقاب الناس إلى كابول وتدعوا لها بالنصر، وبما أني كنت مأخوذاً بتلك الهالة المنبرية والجهادية والكابولية، ورغم أني كنت من الصغر بحيث لا أعرف أين تقع هذه الكابول، إلا أني كنت كابولياً حتى العظم، لدرجة أني كنت شديد النقمة على أبي بعد كل خطبة عندما يتناول كابول بسوء وسخرية.
فأين هم اليوم الذين تلفحوا بكل الساميات والذين نقمت على أبي من أجلهم، أظنهم قد دحروا الملاحدة السوفيات، وأظنهم إحتربوا قبل أن يقيموا لهم دولة، وأظنها قد دانت لهم كابول دهراً، ولكن أين تاهت الطريق منها إلى القدس، تاهت في بغداد وهامت تفجيراً في كل عواصم هذا الوطن الكبير وتكفيراً، والآن أراها دخلت مرحلة التيه الأكبر فأصبح الشعار القديم المتجدد "الطريق إلى القدس يمر عبر دمشق" وحتماً فإن هناك طفلٌ ما في زاوية مسجدٍ ما هو دمشقي حتى النخاع وقد لا يكون ناقماً على أبيه، فقد يكون أبيه دمشقي أيضاً حتى النخاع، ولكن المستهجن هو تلك الهرولة الأمعائية نحو التعبير عن المفاجأة من كون القاعدة تحارب في سوريا منذ ولادة آخر عنقود النكبات، والذي سمي تيمناً بـ (الثورة)، فأمريكا تتفاجأ ورغم ذلك تعلن تقديم دعم بعشرة ملايين دولار، ويقترح دينيس روس منطقة عازلة لحماية القاعدة وذراعها جبهة النصرة، فعلاً فهذه سلوكيات لمتفاجئين بشدة، ويتفاجأ معاذ الخطيب، وفي هذه لا أستبعدها، فهو بحكم موقعه الوظيفي لا يعلم إلا ما أرادوه أن يعلم ليقول ما أرادوه أن يقول، ثم تتفاجأ هيئة التنسيق رغم أنها كما تزعم معارضة داخل، فإذا كانت في الداخل ولا تعلم فتلك مصيبة ولو كانت معارضة خارج فستكون المصيبة أعظم، وتدعي أنها ضد العسكرة، ثم تحتج على مبايعة الظواهري لأن هذه البيعة ستقف حجر عثرة في وجه خطوة تسليح"القوى المعتدلة" مفاجآت لا تقنع حتى السكارى.
وهناك تنويه أخير أود بل أرجو أن يتقبله مني من يتصدر للشأن العام تحليلاً، فمنهم من يرجع التردد الغربي في تسليح المعارضة للتخوف من المتشددين"القاعدة" وهنا يقعون في الخطايا لا الأخطاء، فالغرب يسلح بعيدا عن جعجعة التصريحات أصلاً، ثم أنه أي الغرب لا يخشى القاعدة ولا أخواتها ولا تخشاها (إسرائيل) فليس لهم نحو القدس طريق، بل يحثون الخطى ومنذ كابل حتى تدمير دمشق نحو (إسرائيل الكبرى) تحت مسميات شرعية كبرى تأخذ الألباب، ولكن ناصيتهم المالية باليد الخليجية وسبابتهم الزنادية نحو أعداء أمريكا و(إسرائيل) وهم لن يفكروا بالقدس وإن فكروا سيقطع النفط عنهم المال والفتاوى وسيقطع عنهم الغرب السلاح والتلميع، أما ما تخشاه أمريكا وترتعد له (إسرائيل) فهو بقاء المحور المقاوم متماسكاً صلباً وسوريا في قلبه . | |
|