كيف انقذ الجيش لبنان بحرب ال 24 ساعة في صيدا ؟
عندما خرج الناطق باسم جبهة العدوان على سورية و تلا بيان مؤتمر الدوحة الذي جمع اعداء سورية ، ثم اضاف بان هناك قرارات سرية ستجد طريقها الى التنفيذ السريع في الميدان من اجل اقامة توازن عسكري بين الدولة السورية و الخارجين عليها و المتوسلين العنف و الارهاب طريقا لفرض اهداف جبهة العدوان ، عندما تم ذلك كان سؤال كبير يدور حول طبيعة القرارات السرية تلك التي يمكنها تحقيق ذاك الهدف غير المشروع ..
و لكن احمد الاسير لم يتأخر في حركته الارهابية ليجلي الغبار و الغموض ، فسارع الى استهداف الجيش في صيدا في عملية ارهابية تم التحضير المتقن لها ، عملية تهدف الى اخراج الجيش من الساحة في صيدا في خطوة اولى ، يعقبها تمدد " ارهابي اسيري" الى كامل منطقة صيدا في خطوة ثانية و في خطوة ثالثة جعل صيدا و منطقتها مكانا محظورا على المقاومة و جمهورها الذي هو في الجنوب من غالبية دينية اسلامية شيعية و وضع هذه الغالبية مع المقاومة في خيار بين امرين اما الركون الى الامر الواقع و الاختناق في الجنوب بعد حصارهم من صيدا - بوابة الجنوب -، او المبادرة الى فك الحصار و عندها تبدأ الحرب التي يخطط لها و تنطلق الفتنة التي تغرق المقاومة في بحر من الدماء تمنعها من متابعة واجبها الجهادي في مقاومة المشروع الغربي الصهيوني في المنطقة .
لقد تم اختيار صيدا لتكون ميداناً تنطلق منه الفتنة نظرا لخصوصية المدينة ذات الابعاد الثلاثة : فهي جغرافيا بوابة الجنوب ، و ديمغرافيا فهي ذات اكثرية سنية محاطة باكثرية شيعية تمكن من اقامة خطوط التماس و الانزلاق الى حرب مذهبية ، و سياسيا فهي ذات تمثيل سياسي رسمي ( النواب - البلدية) بيد تيار المستقبل المناهض للمقاومة ، ما يجعل عمل المقاومة لفتح الطريق الى الجنوب بمثابة الحرب على السنة و تيارهم السياسي في صيدا . و كانت وظيفة الاسير تنحصر في اشعال الشرارة تماما كوظيفة عود الثقاب اما الحطب و المحروقات فانها – برأي المخطط و تخضيره – جاهزة في المخيمات الفلسطنية في الساعات الاولى و في كامل المناطق اللبنانية بعد اليوم الاول .
نفذ الاسير ما تلقاه من سيده في قطر من اوامر و لم يعر لدين او قانون او اخلاق اي اعتبار و اقدم على قتل العسكريين بدم بارد و من غير سابق انذار ، و قد كان توخى من ضربته الصاعقة ان يختل توازن االجيش و يقدم على اخلاء مراكزه في ظل واقع من الوهن السياسي في الدولة ما يحرمه من الغطاء السياسي لمهمة العمل الميداني ، و هنا كان التقدير الخاطئ و هوما كان مقتلا للمنفذ ، اذ ان الجيش لم ينتظر الغطاء السياسي ، و اتخذ من دماء شهادئه غطاءا للتحرك الذي يمليه عليه واجبه العسكري و تكليفه الوطني و مناقبيته في الوفاء لدماء الشهداء و انطلق في مهمة الرد المدروس و الموزون بعناية فائقة و بسرعة تتجنب التسرع ، و بدء بتنفيذ مهمة اجتثاث الحالة الارهابية التي يمثلها الاسير و التي نمت و ترعرعت في حضن تيار المستقبل و التي سامت المواطنيين في صيدا شتى انواع المعاناة و الخسائر .
لقد صدمت ردة الفعل التي قامت بها قيادة الجيش من غير تردد او انتظار صدمت رعاة الاسير الدوليين و المحليين ، و سارعوا الى طلب وقف اطلاق النار ، طلب جاء كموقف رسمي لتيار المستقبل ، و كان هذا التيار يبغي من طلبه تمييع الرد العسكري و ادخال الجيش في دهاليز السياسة ثم الانقضاض على شهادئه لمعاقبتهم في عملية تشبه ما حصل في حاجز الكويخات حيث سجن الضباط و تم تكريم المعتدين على الجيش .
صم الجيش اذنيه عن طلبات المعتدين عليه و قرر ان يسير قدما غي خطة انقاذ لبنان ، خطة لا تكون الا باجتثاث الحالة الارهابية الاسيرية ، و لم تهتم قيادة الجيش بالصمت المطبق للسياسيين اللبنانيين من رسميين و غي ر رسميين - رئيس الحكومة لم يتخذ موقفا او يطلق تصريحا حتى انتهاء العملية – بل قامت و باحتراف عسكري بتعقب الجناة و تنفيذ ما يجب القيام به ، و كانت تعلم ان الوقت سيف قاطع و انها لا تستطيع ان تتخطى مهلة ال 48 ساعة و الادخلت في تعقيدات ستمنعها من اتمام المهمة و ستدخل الجيش في هزيمة معنوية لا يمكنه بسهولة ان يخرج منها ، لذلك كانت السرعة العافلة من غير تسرع انفعالي و استقدم الى الميدان من القوى ما يصنف بانه من النخب العسكرية ، كما اعتمد في التنفيذ السلاح الفردي الخفيف حتى المتوسط من غير استعمال للسلاح المنحني من مدفعية او هاونات ، مع تجنب استعمال مدافع الدبابات ايضا لان القيادة كانت حذرة في مسألة امن المدنيين و ارتضت ان ترتفع فاتورة خسائرها في الارواح و الابدان حتى لا تتسبب في خسائر للمدنيين الذين اسرهم الاسير و اتخذهم دروعا بشرية .
لم تنفع كل المناورات الاحتيالية الي قام بها رعاة "الحالة الاسيرية الارهابية" ، من دعوة للتفاوض او طلب وقف اطلاق النار او هدنة انسانية او تشكيل لجنة تحقيق ميدانية ، و كذلك لم ينفع التباكي على الواقع الانساني او التظاهر الكاذب بالحرص على الدماء و الممتلكات ، كل ذلك لم ينفع و لم يثن الجيش عن متابعة مهتمه التي تمكن من انجازها بشكل اعجازي مذهل و في مدة لم يحتسبها احد و لم تتجاوز ال 24 ساعة .. مهلة كانت كافية لقوى النخبة العسكرية ان تجتث تنظيما ارهابيا قوامه 250 عنصرا معظمهم من غي ر اللبنانيين الذين تحصنو في قلعة عملوا لمدة اشهر طويلة على تهيئتها و في تخزين السلاح و و لذخائر فيها و حفر انفاق الاتصال بين ارجائها .
اذهل الجيش باحترافه و براعة ادائه القتالي في الميدان و مستوى اخلاقه و انسانيته في التعامل العسكري اذهل كل من تابع مجريات الحدث ، لكن الاهم من كل ذلك هو ما ترتب من نتائج سياسية و امنية و عسكرية و استراتيجية على نجاح الجيش في مهمة كادت ان توصفبانها " مهمة بقاء الجيش او زواله" ، و هنا يمكن ان نسرد من تلك النتائج بعضها كالتالي :
1) سقط القرار السري الاول من مقرارات الدوحة و نجا لبنان من فتنة تقود الى حرب اهلية ، و تخطى لبنان الفوضى الذي ارادها مؤتمرو الدوحة للانقضاض على منجزات الجيش العربي السوري في القصير و التي عطلت استعمال لبنان كجسر عبور و امداد للارهابيين في سورية .
2) سقطت مخاوف البعض ، و احلام البعض الاخر في اغراق المقاومة في لبنان في فتنة و حرب داخلية تمهد الطريق لاسرائيل لتعويض هزيمتها في العام 2006 . و الكل يذكر تلك التوصية الاستراتيجية الشهيرة التي زودت بها القيادة العسكرية الاسرائيلية و القاضية بعدم شن حرب على لبنان ضد المقاومة ما لم يكن الامر مسبوقا بفتنة داخلية تحاصر المقاومة .. اذن نجا لبنان ايضا من عدوان اسرائيلي جديد .
3) سقطت الحواجز المصطنعة على بوابة الجنوب و التي كادت تعطل التواصل و التلاقي بين الجنوييين بمختلف مذاهبهم و عادت صيدا لموقعها بوابة الجنوب المفتوحة و عاصمة المقاومة و موئلا للوطنيين الذين لا تباعد بينهم عصبيات طائفية او نزعات مذهبية .
4) وجهت رسائل قاطعة الى كل من يعنيه الامر بان في لبنان جيش وطني يعمل للبنان و للبنان وحده منزه عن الطائفية و المناطقية و الفئوية ، و لن يغير الجيش في هويته و في طبيعته مهما حاول الخصوم و المغرضون ، كما ان عسكريي الجيش هم للوطن و للوطن وحده و ان انتماءهم الديني هو اختيار لطريقة تعبد و ايمان بالله و ليس اصطفاف و تحزب طائفي و كل صوت يطلق ليخاطبهم تحت عنوان طائفي سيكون مردودا على اصحابه من غير اكتراث او اعتبار لمن يطلقه .
5) و اخيرا اثبتت المقاومة ان سلاحها ليس الا للمقاومة فقط ، و قد تحملت الاستفزاز و الشتائم و التعدي لنيف و سنتين و لم تتدخل و تركت الدولة بجيشها تعالج الامر و نجح الرهان على الجيش الوطني .
و بالنتيجة نستطيع القول ان معركة عبرا لم تؤد الى تطهير المنطقة من تنظيم ارهابي فحسب ، بل انها ادت الى اقتلاع انياب و اظافر من المشروع الصهيو- اميركي ، و بدل ان يعالج المعتدي هزيمته في معركة القصير فان معركة عبرا راكمت خسائره فيها و هذا ما كان يقرأ ، مع الساعات التي تلت نهاية المعركة ، على وجوه اتباع المشروع الصهيواميركي في لبنان ، و من جهة اخرى و بخلاف ما حصل في العام 1975 حيث سقط الجيش في صيدا و تبعه سقوط لبنان في حرب استمرت 14 سنة ،بخلاف ذلك حصل في العام 2013 حيث نجا الجيش في صيدا و نجا لبنان فشكرا للجيش .. و الف شكر لكل من صنع هذا الانتصار بدءا بابطال الجيش و قيادته و وصولا الى كل مواطن شريف ايد الجيش في مهمته و مرورا بالاعلام الوطني الذي سارع الى فتح هوائه لتكوين الراي العام الحاضن و المانع من الضغط على الجيش من قبل سماسرة السياسة الطائفية .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]